كريمان حرك تكتب : ليلة فى حب عبده داغر بمعهد الموسيقى العربية

“عبده داغر ظاهرة غير قابلة للتكرار” هذه العبارة عنوان كتاب الناقدة الموسيقية والأعلامية د. إيناس جلال الدين عن الموسيقار الراحل والذى نجح نجله د.خالد داغر أن يدلل عليها ويثبتها بوضوح من خلال الأمسية الناجحة بكل المقاييس العلمية والفنية والتى أقيمت مساء الخميس 14 مارس فى معهد الموسيقى العربية برمسيس المكان الذى كان يعشقه الموسيقار الر احل عم عبده كما يطلق عليه تلاميذه والوسط الموسيقى عامة ..

وقدتضمنت الأمسية الفيلم الوثائقى والكتاب المكتوب والعا زفين المتنوعين تلاميذ عبده داغر النجباء. وهم جواهر الساحة الفنية..

والموسيقار عبده داغرأحد الرموز الموسيقية البارزة ولد بمدينة طنطا عام 1936، وكانت بدايته مع العود تعلم العزف على آلة العود في سن السابعة على غير رغبة والده ، ثم جذبته آلة الكمان وتعلمها في سن العاشرة، وفي شبابه ونتيجة لموهبته ومهارته عمل كعازف للكمان في الفرق الخاصة بكبار المطربين منهم أم كلثوم و محمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب ، أسس مع الموسيقار عبد الحليم نويرة فرقة الموسيقى العربية ، قدم اعماله فى مختلف الدول العربية والأوروبية وأقام ورش عمل وشارك في مهرجانات متخصصة بكل من فرنسا و هولندا و ألمانيا و أسبانيا وبلجيكا و تولى الإشراف على بيت الكمان وتدريب طلابه و حصل على العديد من الجوائز العالمية منها جائزة باديب للهوية الوطنية من المملكة العربية السعودية وتوفى فى 10 مايو 2021 بعد أن ترك إرثا موسيقيا متفردا..

والسهرة لم تتعرض بشكل مباشر لسيرته الذاتية وإنما عشنا ليلة موسيقية تم من خلالها الإجابة عى بعض الاسئلة أهمها لماذا أطلق عليه ملك التقاسيم؟ وكيف كان له أسلوب ومنهج مميز فى العزف والتأليف يعتمد على إستعراض إمكانات الآلات الموسيقية لتطوير القوالب القديمة ولماذا أنبهر به الأجانب؟ وكيف موسيقاه المصرية وصلت للعالمية دون اللجوء للتغريب او الإستغناء عن المقامات المصرية هذا التوصيف الذى كان يعترف به ويرفض تماما وصف موسيقانا بالشرقية كل هذا أجاب عنه الكتاب باستفاضة ولكن الجديد فى هذة السهرة المتميزة أنه تم تطبيقه عمليا وأستمعنا من كل عازف عن مشواره مع عم عبده وشرحه كيف كان ينظر للألة ويعطى حرية للعازف وجاء التطبيق الجميل بأداء محترف ومبهر لمؤلفات عبده داغر والتى استمعنا منها إلى مقطوعات ( نداء وسماعى شورى والريشة والكمان والنيل) وهؤلاء العازفون الذين جلسوا على المسرح هم عازف الكمان محمد ظهير خير ممثل لمدرسة عبده داغر فى العزف على هذه الآلة وعلى يمينه عازف البيانو محمد عبد الله وعلى اليسار عازف العودهشام عصام و شادى االجندى عازف القانون ويليه عازف الناى أحمد خيرى الذى أستطاع أن يطور آله الناى ويعزف بناى واحد جميع المقامات ثم عازف الإيقاع أمير توفيق وعازف الكونترباص أحمد أمين.. والجميع كما علمنا آخرجيل من مدرسة عبده داغر الذى على مدى عمره كان يهوى التدريس وفتح بيته لكل المحبين ينهلون من علمه ومن كرمه ..

تضمنت الندوة مقتطفات من فيلم وثائقى عن الموسيقار الراحل أما المسرح فجلس عليه د.خالد داغر ود. ايناس جلال الدين وكل منهما قال كلمة موجزة تمهيد للحدث وتقديم للعازفين وتم محاورتهم ولكن بشكل غير تقليدى حيث أختلطت الكلمات بالموسيقى بأسلوب ثقافى أعطى فكرة للجمهور عن خصوصية عبده داغر بشكل مبسط بعيد عن
الخطابة والمديح بل كان هناك تطبيقا عمليا لكل ماأستمعنا إليه..وهذا مايميز هذه السهرة التى جعلتنا نحلق فى سماء موسيقى آلية بديعة تحمل فكرا وتحتاج لإنتباه لمكنوناتها إنها لاتمس المشاعر فقط وإنما تجعل عقلك يفكر عن العلاقات بين النغمات ولأادرى هل هذه موسيقي صوفية أم بمقاييس عالمية كلاسيكية لم ألمح الفطرية التى تحدثوا عنها طوال السهرة بل علم مدروس لكل نغمة ولكل مقام وهذا لم اجده متمثلا فقط على آلة الكمان التى اشتهر بها والتى منذ فترة طويلة لم استمع لهذا الجمال بل كل آلة لها وظيفة لاتخرج إلا من مؤلف دارس لمساحات كل الآلات ونطاقها الصوتى أنه صانعا لآلة العود وعازف متميز لها كما أنه يحترم الإيقاع ولاينظر له على أنه مجرد رتم سنيد للآلة وإنما يوظفه داخل أعماله وقد اكد جميع تلاميذه انه كان حريصا على ألا يلوث سمعه بل معتكف دائما فى محراب المقامات وأن لديه طاقة تشع على كل تلاميذه حتى آلة البيانو التى يعد آلة غربية أحتضن عازفها وكان لها دورا فى مؤلفاته كما أكد تلاميذه فى حديثهم عنه وكما أستمعنا نحن فى مؤلفاته ولكن مايثير الإنتباه أن هذه المقطوعات المتميزة عزفت بدون مدونه موسيقية بل العازفون يحفظون الأعمال جيدا أنه إبداع يدل على أن صاحبه أحب الموسيقى فأعطته أسرارها .. وأكتشفت لماذا كان الأجانب يفهمون عمله ويقدرونه أنه ليس عازفا ماهرا صاحب مدرسة خاصة فى العزف فقط وإنما مؤلفا متميزا له تكنيكه الخاص بالتعامل مع القوس والأوتار واليد اليمنى واليد اليسرى أمور شرحها الكتاب وأكدها الإستماع لها عمليا خاصة أن د. خالد داغر كان موفقا فى إختيار المقطوعات
التى كانت خير ممثل لإبداعات عم عبده حيث حملت فكر موسيقى أصيل ومتطور فى آن واحد وكان الختام مع الموسيقى حيث غادر كلا من د. خالد ود. إيناس المسرح ليستمتع الجمهور بالفكر فى الإبداع وبالأداء المتميز ..

وأخيرا هذه السهرة تجعلنا نطرح سؤال وأمنية .. والسؤال أين مؤلفات عبده داغر من فرق الموسيقى العربية ؟ !!!!والأمنية أن تلاميذه يقدمون حفلات خاصة بمؤلفاته فكرة اتمنى أن يتبناها د. خالد داغر لأن من حق الجمهورأن يستمتع بهذه المؤلفات ذات القيمة الفنية العالية والأداء المتميز والذى سوف يسهم بدون شك فى الإرتقاء بالذوق العام..

About Post Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى