كريمان حرك تكتب “الناى السحرى” إفتتاح جيد لموسم فرقة أوبرا القاهرة

العمل المتقن والذى يجتمع فيه الإبهار والفكر وتتشابك فيه العناصر المسرحية مع إضفاء الروح المصريه بوضوح هذه سمات اوبرا “الناى السحرى” التى افتتحت بها فرقة أوبرا القاهرة موسمها من اخراج المخرج الموهوب والمجتهد هشام الطلى والذى بصماته وفكره كان واضحا في هذا العرض.. والعمل من ريبرتوار الفرقة وتم تقديمه لأول مرة فى ينايرعام 2003 من خلال إخراج وديكور وازياء واضاءة اجنبية وبقيادة المايسترو نادر عباسى ونفس العرض تم إعادته في يونيو2004 ثم طواه النسيان تماما حتى تم إحيائه في يناير 2013 بعناصر مصرية خالصة وبمصاحبة اوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو ناير ناجى ثم أعيد بنفس المايسترو فى اكتوبرعام 2018 وهذا الموسم الحالى وبعدخمس سنوات تم إحيائه ولكن بقيادة المايسترو الشاب أحمد فرج..
والناى السحرى من روائع المؤلف الموسيقى فو لفجانج أماديوس موتسارت(1756-1791) وتعد أخر أوبراكتبها وعرضت لأول مرةبفيينا في 20 سبتمبرعام 1791 أى قبل وفاته بشهرين وقد قادها بنفسه ولاقت نجاحا كبيرا وكتب النص ايمانويل شيكانيدر وتعد من نوع السنجشبيل وهى الأوبرا الألمانية التى تتضمن حوارا كلامياإلى جانب الغناء
وتتكون من فاصلين وهى عبارة عن قصة رمزية وخيالية تجمع مابين شخصيات خرافية وحيوانات وساحرات و تحكى عن أسطورة تجمع بين الخير والشر والإنسان والحيوان والنبل والخسة والغموض والسحر إلى جانب قصة حب بين الأمير تامينو وبامينا التى يفقدها ثم يفوز بها والقصة تحكى عن ساراسترو كبير الكهنة الذى يأخذ بالقوة بابامينا من أمها الشريرة ملكة الليل التى تنقذ حاشيتها الأمير الأجنبى تامينو وتعطى له حينذاك نايا سحريا وتطلب منه في المقابل إعادة بامينا إلى أمها وبعد أحداث طويلة ومثيرة وإجتياز لعدة إختبارات صعبة تنتهى القصة نهاية سعيدة بزواج تامينو من بامينا..

إخراج متميز من الطلى وإبداع في الديكور والإضاءة

المخرج المصرى هشام الطلى ركز على الجانب المصرى وجعلنا نعيش فى أجواء تاريخنا القديم وساعده على ذلك خبرة كل من مصمم الديكور محمد عبد الرازق ومصمم الإضاءة ياسر شعلان في هذا النوع من الديكور و أيضا الملابس الفرعونية والأكسسوارات والماكياج.. وقد جاء الديكور حديثا يميل إلى التجريد والبساطة في التحريك وتشابك بشكل رائع مع الإضاءة مثل مشهد الهرم الذى تساقطت علية أشعة هرمية جعلته يظهر كبيرا عن حجمه الطبيعى ومبهرا ورغم أن الأحداث تدور في فاصلين لكن تعدد المشاهد والتغير الدائم في الديكور والإضاءة أعطى ثراء للرؤية البصرية أيضا أستفاد المخرج من الفقرات الكلامية التى جاءت باللغة العامية و وأعطت طابعا كوميديا مصريا تفوق بدون شك عن النص الألمانى وهنا ظهرت إضافات المخرج الحركية سواء في هذه المشاهد وفى حركة المغنيين الفردية على المسرح أو في المشاهد الجماعية الكورالية التى جاءت بارعة وتم استثمارها جيدا في ختام الفصول ليحظى العمل بتصفيق كبير..

المايسترو أحمد فرج مازال فى بداية الطريق

والناى السحرى من الناحية الموسيقية تبدأ كعادة الأوبرات بإفتتاحية أوركسترالية أجتهد المايسترو احمد فرج وفريقه في بيان ميزاتها من الإستهلال البطىء ثم التصاعد في غموض ثم يأتى قسم سريع رقيق يدلل على الشخصيات الكوميدية في العمل ثم الختام القوى ولكن خلال العمل لم يحرص المايسترو على إظهار التنوع المذهل في إبداع موتسارت حيث نجد موسيقى فخمة في أجزاء الكورال ثم يعقبها أغانى بسيطة كما في أغنية بابا جينو صائد الطيور وهو الشخصية الكوميدية في العمل ثم عمق إنسانى في آريات الحب و العاطفة ..ربما يرجع هذا إلى أنه يقود العمل لأول مرة ولكن هذا لايمنع انه قائد واعد يحتاج مزيد من الدراسة والخبرة وخاصة فى الجانب الغنائى والتناسق بين الحفرة والمسرح ..

تعدد المغنيين أعطى ثراء للعمل

من ميزات العمل وحسن إختياره أن به شخصيات كثيرة ولهذا كان إستثمار تبادل الأدوار ساهم فى إعطاء فرصة لمشاركة عدد كبير من المغنيين بعضهم يغنى لأول مرة بدون الميكرفون الذى غلب علي حفلات الموسم الماضى من أغانى الأفلام الخفيفة ..
المغنيون في هذا العمل أستطاع المخرج أن يجعلهم يتحركون على المسرح ويجيدون التمثيل حيث تألق فى دور بامينا

كل من السبرانو منى رفلة وتحية شمس الدين و داليا فاروق والثلاثة يعد هذا الدور من ريبرتوارهن والثلاثة لعبن الدور ببراعة وقد تميزن بقدرة تمثيلية وتعبيرية عالية بجانب اصواتهن العذبة المميزة والتى تجلت واضحة في آريا “آه اشعر به “التى تمتلىء بمشاعر الشجن

والتى تغنيهابعد إنجذابها لعزف البطل تامينو على الناى والذى لعبه بتفوق التينور هشام الجندى ويعد من ريبرتواره وتبادل معه الدور هذه المرة مصطفى مدحت الذى من الأصوات التينور الواعدة والمتميزة و الأثنان كان صوتهما براقا ودقيقا في أداء الشخصية وخاصة فى الأغنيه العاطفية في الفصل الأول(هذه الصورة لملاك ساحر)

اما دور “ساراسترو” لعبه الباص الاجنبى “فالنتين رو كبيير” فى جميع الحفلات وكان من أجمل الأصوات وكان يتميز بلمعان وقوة وقد استطاع ان يبرز بحرفية الحكمة والوقار التى تميز شخصية الكاهن وأتضح ذلك في أدائه لآريات “ايزيس وايزوريس” و”داخل المعابد المقدسة ” أما دور ملكة الليل يعد من أهم آريات السبرانوبشكل عام حيث اختار موتسارت صوت السبرانو الكلوراتور ذى القدرات الخارقة في أداء الزخارف اللحنية في المنطقة الحادةو وقد ادته فى حفلتين رشا طلعت ويعد من رصيدها الفنى وقد اجادت فيه بشكل طيب كعادتها وتبادل معها اثنتان من الأصوات الواعدة وهما ريتا الأشقر التى كانت مفاجأةواميرة رضا مازالت تحتاج الى الخبرة وعموما هذا يعد من اهم ادوار هذا العمل وخاصة في آرية “سعير الإنتقام يشتعل في قلبى” من الامور التى لم تم الاهتمام ا الغناء من داخل المعبد حيث جاء الإخراج الصوتى في المشهد كله جيدا واعطى الإحساس بقداسة المعبد وخاصة ان من شدا به رامز لباد من المغنيين المتميزين .. من الشخصيات الهامة والمحببة في هذا لعمل شخصية الباريتون باباجينو صائد الطيور وقد اداه عزت غانم والهامى امين بقدرة تمثيلية عالية اضفت الروح المرحة المصرية على العمل كما تفوق كل منهما في اداء آرية “انا صائد الطيور” في الفصل الاول اما الصوت خالد سمير مازال يحتاج للخبرة ..

باقى طاقم العمل ادوا ادوارهم الغنائية والتمثيلية بشكل مميز خاصة الباص رضا الوكيل الكاهن الأول والتينوراسامة على الكاهن الثانى ومن الأصوات النسائية الواصفات الثلاثة جولى فيظى ودينا اسكندر وليلى ابراهيم الدور ليس جديدا عليهن وقد لعبن ~ْادوارهن ببراعة تمثلية وغنائية متميزة يتضح فيها الخبرة وتبادل معهن نورا الالفى ونوريستا المرغنى ورؤى حسام وايضا كن على مستوى جيدو من نجوم العرض انجى محسن وجاكلين رفيق وتامر توفيق وإبراهيم ناجى وفيرونيا فيليب وماهتاب نادر وسلمى الجبالى ودور المحاربان تفوق فيه مينا رافائيل الذى شارك فى جميع ليالى العرض وتبادل دور المحارب الثانى كل من برهان الدين فاروق واحمد الشيمى وخالد سمير وتفوق الراوى نادر ناجى ولايفوتنا أن نذكر جمال رقصات البالية التى صممها شريف رمضان سواء الحيوانات أو فتيات المعبد أما الكورال الذى دربه المصرى مينا حنا كان جيدا ويعد بطلا في هذا العرض وارى ان هذا المدرب مكسبا لفرقة الأوبرا.. اما الترجمة إلى اللغة العربيةوهى هامة في هذا العرض سواء الحوار المصرى بالعامية او ترجمة الاغانى بالفصحى كان عملا جيد جدا يحسب للمترجمة الواعية هويدا عيد..

واخيرا الناى السحرى خير إفتتاح للموسم وتعد من درر ذاكرة الفريق ولكن مازلنا نطمع في العروض الضخمة التى افتقدناها منذ فترة…

About Post Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى